دعاء “ربنا آتنا في الدنيا حسنة” يحمل أسرارا عظيمة

شكرًا لكم على متابعة دعاء “ربنا آتنا في الدنيا حسنة” يحمل أسرارا عظيمة وللمزيد من التفاصيل

قال الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر الشريف، إن قول الله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ هو من جوامع الدعاء النبوي الشريف، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال عن هذا الدعاء إنه من كنوز الدعاء، موضحًا أنه يُستحب للحاج أو المعتمر أن يكثر من ترديده، خاصةً بين الركنين: الحجر الأسود والركن اليماني، أثناء الطواف بالبيت العتيق.

وأضاف رئيس جامعة الأزهر الشريف، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الجمعة، أن الوقوف عند كلمة “حسنة” في الآية يكشف عن بلاغة قرآنية بديعة، حيث يقول العلماء إن “حسنة” هي صفة لموصوف محذوف، أي أن الدعاء يطلب خصلة حسنة، أو عطية حسنة، أو زوجة حسنة، أو أي أمر دنيوي أو أخروي يُرجى فيه الخير، وتم حذف الموصوف للإشارة إلى أن الجوهر في الطلب هو “الحسن” ذاته.

وأوضح الدكتور سلامة داود أن هذا الحذف المقصود يدل على رقي فهم أهل الله، الذين إذا طلبوا شيئًا من ربهم، فإنهم لا يطلبونه فقط من حيث النوع، بل من حيث الوجه الحسن والصفة الطيبة، فالمهم عندهم أن يكون ما يُؤدّى من حج أو زكاة أو عمل أو قول، يُؤدّى بصورة حسنة ومتقنة.

تفسير “وما له في الآخرة من خلاق”: تقسّم الداعين لفريقين

قال الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر الشريف، إن قوله تعالى “فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ • وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ • أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ”، جاءت في سياق يوم عرفة، وتقسّم الداعين إلى فريقين: فريق يطلب الدنيا وليس له في الآخرة من خلاق، وفريق يطلب حسنة الدنيا وحسنة الآخرة.

وأوضح رئيس جامعة الأزهر الشريف، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الجمعة، أن بعض علماء التفسير ذهبوا إلى أن الفريقين من المؤمنين، فالمقصود بكلمة “الناس” هنا هم المؤمنون الواقفون بعرفات، ومنهم من يكون همه في الدعاء أمور الدنيا فقط من مال وأولاد ومناصب وصحة، ويغفل عن الدعاء بأمر الآخرة. بينما الصنف الثاني يطلب خير الدنيا والآخرة.

وأضاف أن العلامة الطاهر بن عاشور له رأي وجيه جدًّا، إذ قال إن الصنف الأول: ﴿فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا﴾ لا يمكن أن يكون من المؤمنين، لأن المؤمن مهما بلغت به الغفلة لا يقتصر في دعائه على الدنيا فقط، خصوصًا في يوم عرفة، في أماكن طاهرة، وموسم روحاني جليل.

وأوضح أن هؤلاء كانوا من الكافرين، وهو قبل منعهم من الحج، وقبل نزول آية:﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا﴾.

وتوقف الدكتور داود عند دلالة حذف المفعول في قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا﴾، مشيرًا إلى أن حذف المفعول يدل على قصر الهمّ والطموح على أمور الدنيا فقط، وكأن الداعي يطلب من الله كل ما في الدنيا دون تحديد، ما يكشف عن قصر نظر، وانشغال مؤسف عن طلب الآخرة.

كما أوضح أن قوله: ﴿وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ﴾، أي لا نصيب له فيها، و”من” هنا تفيد أدنى نصيب أو حظ، ما يعزز أن صاحب هذا الدعاء قد خسر أعظم ما يُطلب في موسم العطاء الإلهي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى